فى الجهة المقابلة، لا تبدو الجماعة حريصة على دفع ثمن المصالحة مع الحكومة، والمتمثل فى وقف خطابات التحريض ضد الدولة المصرية التى تطلقها منصاتها الإعلامية فى الخارج، والاعتراف بثورة 30 يونيو وشرعيتها القائمة الآن، والتوقف عن ترديد نغمة «الانقلاب»، وإدانة حقيقية للعمليات الإرهابية التى تتم فى جميع ربوع الوطن، ونزع الكراهية والعداء الشديدين اللذين زرعتهما فى نفوس شبابها ضد الدولة ومؤسساتها.
صحيح أن السياسة ليست «أبيض وأسود»، لكن توجد دائما بداخلها مساحة رمادية تلجأ اليها مختلف الأطراف، لاتخاذ قرارات صعبة وغير متوقعة، إلا أنه فى الحالة المصرية الراهنة، وبالنظر إلى هذين الطرفين ــ الحكومة والجماعة ــ ومواقفهما المعلنة وطريقة تموضعهما فى المشهد، فنجد أنهما أقرب إلى «الأبيض والأسود» منه إلى «الرمادى»، وبالتالى لا يمكن إنجاز أى مصالحة أو حتى فتح حوار بين الجانبين فى المدى المنظور.